تأثير الغش على البيئة التعليمية
هناك طرفة مضحكة عن تأثير الغش، اختزلت الكثير من معاني تأثير الغش على البيئة التعليمية،
والمهنية، والأضرار المترتبة على موضوع الغش، محتوى الطرفة يقول:
” كان هناك طالب بليد شديد الغباء يرسب في كل مرة، ويعيد العام تلو العام لا هو بالذي ترك مقعد الدراسة،
ولاهو بالذي اجتهد ونجح ليفارقها، كاد أن يجلب أمراض الضغط والسكر لمعلمه…
قرر المعلم أن يتخلص من الطالب فاغدق عليه الدرجات حتى تخرج من المدرسة.
مرت السنون والأعوام ومرض الأستاذ الكريم فقرر له الأطباء عملية جراحية وعندما رأى الطبيب المكلف بإجراء العملية عرفه…
هو نفسه رفيق الصبا وأخو مقاعد الدراسة
-أنت هو؟!!
-نعم ياأستاذي وقد صرت هنا بفضلك.
لم يحتمل الأستاذ الصدمة وأصيب بسكتة قلبية ومات”.
أليست الطرفة كافية لأنهي مقالي؟!
لكني أعلم أنكم لن تكتفوا، بل ستستمرون في اختراع طرق جديدة إضافة للقديمة ليواكب الغش قفزات التكنولوجيا والله المستعان.
لذلك قررت أن أسرد لكم بعض اضرار تأثير الغش على حياتنا عموما، وعلى ممارس الغش خصوصا،
لكن قبل ذلك تعالوا لنسأل أنفسنا، ما السبب الذي يدفعنا إلى الغش؟
السبب الأكثر ورودا هو أن الطالب لم يدرس، أو درس قبل الأمتحان بيوم أو يومين فقط،
بالتالي الخوف من الرسوب يدفعه إلى ذلك.
أو قد يكون السبب هو حب الكمال (لن أرسب ولكني أسعى للكمال، للتغلب على ألأقران…)
وربما يكون الأمتحان صعب جدا، وأحيانا يمر المء بظروف قاهرة تمنعه من المذاكرة…
لنرى الأضرار ثم نورد بعض الحلول.
ثأثير الغش على صاحبه
١- ضعف القدرات العقلية
مهما كنت عبقريا وسريع البديهة عندما تبدأ في ممارسة الغش ستفقد قدراتك تدريجيا، وتصبح كل عام أسوأ ذهنيا من العام الذي قبله فما الذي حدث؟
الذي حدث أنك عودت دماغك على المعلومة الجاهزة والبسيطة،
رغم أنه يستطيع حفظ وحل مسائل واستنتاج حلول بطريقة أكبر مما تتخيل لكنك، حجَّمت قدراته وحصرتها في قوقعة صغيرة،
والعقل مثل الطفل يحتاج إلى غذاء لينمو ويكبر وغذاءه الفكرة والمعلومة ونتيجة لحرمانه ستجني أنت تفكيرا سطحيا وذاكرة ضعيفة.
٢- خلق شخصية ضعيفة
ستظل تشعر بالدونية وفقدان الثقة حتى لو حصلت على علامات مرتفعة وصفق لك الجميع لن يغير ذلك من مشاعرك السلبية التي لن تعطيك فرصة لتشعر بسعادة الإنجاز ولذة الوصول.
٣- ضعف الجانب الديني
كلما كررت عملية الغش كلما ضعف وازعك الديني؛ والخطأ دائما ما يجر أخطاءً بعده، أضف إلى ذلك انك ستفتقد البركة في التحصيل والتفكير والحفظ.
٤- الأفتقار إلى الإستقلالية
الغش ينمي عند صاحبة شعور التبعية؛ فيتولد عنده شعور بأنه لن يستطيع فعل شيء بمفرده، وليست له كفاءة لتحقيق أهدافه، ويظل هذا الشعور ملازما له إلى ما بعد التخرج وصولا للعمل.
تأثير الغش على الآخرين
تمتد آثار الغش لتشمل المجتمع؛ لأن المؤسسات التعليمية هي حاضنة الجيل القادم، وعليها يُعول بناء أساس الأمة، ومن هذه الآثار مايلي:
١- إهدار تكافؤ الفرص
سواءا كنت أنت المستفيد من عملية الغش أو مصدر الغش لزملائك تحت مسمى(التعاون) فقد ضاعت المصداقية وتساوى أصحاب القدرات والهمم المختلفة،
وهذا ظلم صارخ في حق من يتعبون ويبذلون جهدهم في التحصيل العلمي،
ولعلك استشعرت ذلك في ما لوقمت بمساعدة زميل لك بإعطاءه معلومة جاهزة لينسخها على ورقة الإمتحان، ثم تأتي درجاته أفضل من درجاتك.
٢- تأثير الغش على روح المجموعة
لعلكم لاحظتم أن الصف أو القسم المشهور بالغش يعاني من عدم التفاعل، وعدم المشاركة والمناقشة؛ فلماذا نتبادل الأفكار ونبحث ونستنتج إذا كنا سنحصل على المعلومة جاهزة دون عناء؟!
تصبح الدرجات ونسبة النجاح هي الغاية وهذا ما يحد من قدرات المجموعة بشكل كبير وخطير قد لا يدركون تبعاته إلا بعد أن يتعرضوا للرفض المهني بسبب شلل القدرات ، وفقدان المهارات الأكاديمية.
٣- تأثير الغش على سمعةالمنشئة التعليمية
سمعة المنشئة التعليمية حساسة جدا، وسريعة الإنتشار،
وأكثر مانلاحظ ذلك في المنشآت التي تتساهل مع الطلاب في مسألة الغش بل قد يقوم المعلمون انفسهم بتقديم الإجابات للطلاب، وهذا التصرف ذو أثر بالغ من عده نواحي:
١- من ناحية الطالب سيتساوى عنده الخطأ والصواب فلا يفرق، فما دام القدوة نفسه صرح بذلك، إذا فهو أمر مستساغ وطيب!!!
٢- من ناحية المعلم لهذه الحركة تأثير سلبي على مكانته واحترامه بين الطلاب عموما، والكادر التدريسي خصوصا، ويجلب لنفسه مواقف محرجة كان في غنى عنها.
٣– من ناحية المنشئة يكون التأثير جد خطير ، لايخفى عليكم أننا قبل أن نسجل في منشأة ما سواء كانت مدرسة، جامعة، معهد….
أول سؤال يكون”ماهي سمعة تلك المنشأة” ثم تتنوع الإجابات:
– ممتازة وطلابها أذكياء.
– المعلمون عباقرة ومهتمون.
– أما هذه فهي تعطي درجات جزافا ويخرج منها الطالب لا يعرف أ من ب.
سمعة الأ كاديمية مهمة جدا والطلاب والمعلمون هم من يصنعونها.
تأثير الغش على (التعليم عن بعد)
يتسم التعليم عن بعد بطابع مختلف جدا عن التعليم الوجاهي، حيث يتميز بسهولة وصوله إلينا، وتنوعه وكثرة وسائله.
لكن نسبة الغش فيه عالية جدا، وهو أحد الأسباب التي جعلت معظم الدول لا تعترف بهذا النوع من التعليم،
وهذا الأمر ترجع مسؤوليته بالدرجة الأولى على المنظومة التربوية، فهي التي تضع برامج التعليم وطريقة طرحها، وأساليبها، وتشرع قوانين الإمتحان وتحدد نوعه ووقته.
فما الذي سيمنع الطالب من الغش وهو يجلس خلف الشاشة ولا رقيب عليه إلا مدى قدرته على إستشعار مراقبة الله له؟!!
لا يكفي أن يوكل الأمر إلى الأمانة الشخصية، بل يجب _إلى جانب ذلك_ أن تُطبق قوانين تمنع عمليه الغش، وعقوبات لمن يتضح أنه قام بالغش.
وأيضا لابد من وضع إختلاف ظروف، وبيئات المتعلمين في الحسبان.
بعض الإجراءات التي تساعد في الحد من عملية الغش (عن بعد)
١- الأختبار المباشر عن طريق غرف الاجتماعات،مع فتح الكاميرا.
٢- تحديد وقت الإجابة بما يناسب الأسئلة، ويبدأ العد التنازلي من لحظة فتح الطالب إستمارة الإمتحان.
٣- نظام الكتاب المفتوح Open book، الأختبارات التي تقام عبر هذا النظام أثبتت فاعليتها، ومنحت .
بعض الحلول المقترحة لتجنب الغش
والآن نأتي لبعض الحلول للأسباب التي ذكرناها في أول المقال:
١- أخذ الدراسة على محمل الجد، وجعلها من الأولويات؛ بحيث تعطيها حقها من الوقت الكافي للدراسة.
٢- تعلم استراتيجيات متنوعة للمذاكرة، وطرق الإستذكار، حتى تتوسع المدارك وتتغير الأنماط، ولا تغرق في مستنقع الروتين.
٣- على المعلم أن يضع أختبارا متنوعا يراعي فيه الفروقات الفردية بين الطلاب،
بحيث يوزع الأسئلة والدرجات بشكل عادل ومفهوم لجميع المستويات.
٤- مراعاة الظروف الطارئة، والصعبة للطلاب، وعليك عزيزي الطالب أن تتقدم بعذرك إلى الجهة المسؤولة بكل شفافية، موضحا الوضع الذي تمر به.
ختاما:
التعليم هو أساس بناء الأمة، هو ركنها وعمودها فإذا أُصيبت فيه، فكل باكيةٍ مقلة.
من يسمح للغش أن ينخر في عصب التعليم وينشئ أجيالا معاقة، سيجني فشلا في الوظائف وقلة الخبرة، وأخطاء العاملين، وسوء السمعة.
علينا أن نصدق الله حتى يصدقنا، وتذكروا دائما وأبدا أن العلم لا ينال براحة الأجساد،
لن تنجح وتتفوق مالم تجتهد.
وإن كانت لكم تجارب أو ملاحظات تودون طرحها، أسعد بها فيها التعليقات.